يعد الكتاب أصلا من أصول التفسير، ومرجعا مهما في التفسير بالمعقول . حيث جمع بين فني التفسير بالرواية والتفسير بالدراية، وقد بين الشوكاني طريقته ومنهجه في التفسير : بأن يذكر الآيات، ثم يفسرها تفسيرا معقولا ومقبولا، ثم ينقل الروليات التفسيرية الواردة عن السلف، ويعتمد على التفاسير السابقة له، وخاصة تفسير ابن عطية الدمشقي، وابن عطية الأندلسي، والقرطبي والزمخشري، كما يعتمد على أبي جعفر النحاس، والمبرد، والنحاس، وغيرهم من أئمة اللغة، في بيان المعنى العربي، والإعرابي، والبياني، ويذكر المناسبة بين الآيات، ويحتكم إلى اللغة في الترجيح، ويتعرض أحيانا للقراءات السبع، ويعرض لمذاهب العلماء الفقهية في آيات الأحكام، ويذكر أقوالهم وأدلتهم، ويرجح بينها ويدلي برأيه في مسائل الإجتهاد والإستنباط، لأنه يرى نفسه مجتهدا، ويختم تفسير بعض الآيات بالأحاديث والأخبار التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن السلف. لكن يؤخذ على الكتاب نقله للروايات الموضوعة أو الضعيفة التي يذكرها بعض المفسرين، ولا ينبه عليها، مكتفيا بعزوها إلى كتب التفسير الأخرى، لكن ميزاته أكثر، وخاصة أنه أحاط بما كتبه السابقون .
هذا كتاب عمدة في التفسير الإشاري، حرص فيه مصنفه أشد الحرص على النص القرآنى، والتزم بالنظر إليه نظرة اعتبار وتقديس، وكان عمله أشبه بمن يقبس قطفات من الضوء من مشكاة كبيرة ينير بها الطريق أمام الزهاد والعارفين، دون أن يتورط في تعسّف أو ينزلق في درب من دروب الشطط، والسبب الذي يعود إليه هذا المنهج أنه سني حريص على سنيته بقدر ما هو صوفى حريص على صوفيته، وقد سار في الكتاب على خطة واضحة محددة، التزم بها من أول الكتاب إلى آخره، فهو يبدأ بتفسير البسملة كلمة كلمة، وأحيانا حرفا حرفا، في مفتتح كل سورة، مع عدم التشابه؛ حيث إنه جعل تفسير البسملة يتمشى مع السياق العام للسورة كلّها، ثم بعد ذلك يبدأ في تفسير السورة آية آية، ولم يتخلّ عن آية إلا في مواضع نادرة، بل ربما تكون الآية طويلة نسبيا ومع ذلك لا يتركها دون إشارة حتى ولو كانت سريعة مقتضبة «على سبيل الإقلال خشية الملال» كما يقول في مقدمته.
قام المؤلف في هذا الكتاب باختصار "تفسير ابن كثير" الذي هو أحد كتب التفسير بالمأثور دون أن يخلّ، وقد وضع في المقدمة شرطا بأنه سيقتصر في مختصره هذا على الأحاديث الصحيحة فقط، إلا أنه أخذ عليه وجود أحاديث كثيرة تدور ما بين الضعف والوضع، وبعضها مما أشار إليه صاحب الأصل -ابن كثير- إلى ضعفها سكوتًا؛ لذلك تعرض الشيخ الصابوني لانتقاد وردود بعض العلماء.
وهو تفسير مختصر مفيد ، اختصره النسفي من تفسير البيضاوي ، ومن الكشاف للزمخشري ، فجاء ، كما قال المؤلف : " كتابا وسطا في التأويلات ، جامعا لوجوه الإعراب والقراءات ، متضمنا لدقائق علمي البديع والإشارات حاليا بأقاويل أهل الستة والجماعة ، خاليا عن أباطيل أهل البدع والضلالة ، ليس بالطويل الممل ، ولا بالقصير المخل " . ولا يخوض النسفي في المسائل النحوية إلا بلطف ، ويلتزم بالقراءات السبع المتواترة مع نسبة كل قراءة إلى قارئها ، ويعرض للمذاهب الفقهية باختصار عند تفسير آيات الأحكام ، ويوجه الأقوال بدون توسع ، وينتصر لمذهبه الحنفي في كثير من الأحيان ، ويرد على من خالفه ، ويندر فيه ذكر الإسرائيليات ، يتعقبها ثم يرفضها .
كتاب في التفسير يبحث في علم المناسبات في القرآن: التناسب المعنوي بين السور القرآنية من جهة، وبين الآيات داخل السورة الواحدة من جهة أخرى، مع اهتمامه بمسائل علم المعاني وعنايته بإدراك الوجوه البلاغية، حتى إن كتابه (نظم الدرر) يعتبر دراسة تطبيقية لعلم المعاني، في القرآن الكريم، يقول الشوكاني: (وكثيراً ما يشكل عليَّ شيء في الكتاب العزيز، فأرجع إلى مطولات التفاسير، ومختصـراتها، فلا أجد ما يشفي، وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب). وقد استفاد منه من جاء بعده، وعوَّلوا عليه في باب المناسبات. ومما يؤخذ عليه: - إبعاده أحياناً في إدراك المعاني إلى أغوار بعيدة، تشتط به عن المعنى الأصلي المراد، ويوصله إلى حدِّ الغموض. - وقع منه تكلف في بعض المواضع في استخراج المناسبة. - النقل من التوراة والإنجيل، مما أثار عليه علماء عصره.