هذا كتاب يُعدُّ من التفاسير المدرجة ضمن التفاسير بالرأي؛ قد اهتم فيه مصنفه بذكر وجوه الإعراب لألفاظ القرآن ودقائق مسائله النحوية، وتوسع فيها غاية التوسع، وذكر مسائل الخلاف فيها، حتى كاد الكتاب أقرب ما يكون كتاب نَحْوٍ منه كتاب تفسير، ومع ذلك لم يهمل المصنف الجوانب التفسيرية الأخرى؛ كذكره المعاني اللغوية للآيات، والأسباب الواردة في نزولها، ويتعرض أيضًا لذكر الناسخ والمنسوخ، وأوجه القراءات القرآنية، والأحكام الفقيهة المتعلقة بآيات الأحكام، وقد اعتمد المصنف في جمع مادة تفسيره على كتاب «التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير» لابن النقيب، كما أنه كان كثيراً ما ينقل عن الزمخشري، وابن عطية، خاصة في مسائل النحو، ويتعقبهما في كثير من المسائل، مع اعترافه لهما بمنزلتهما العلمية.
كتاب يبحث في تفسير القرآن الكريم جَمَع فيه مصنفه بين التفسير التحليلي على منهج المفسرين، وذكر كلام أهل الإشارة، وهو كلام مُغْرِق في الرمزية، كما هو الحال في كلام الصوفية. بل قد تكون تلك الإشارات لا تَمُتّ ِلمعنى الآية بِصِلَة لا من قريب ولا مِن بعيد! وابن عجيبة يبدأ عبارته في ذكر تفسيرهم بقوله: قال أهل الإشارة... والتفسير الإشاري مُخالِف لِطريقة السَّلَف في تفسير القرآن.
هذا كتاب من أوائل كتب التفسير بالمأثور، جمع فيه مصنفه بين التفسير بالرواية والتفسير بالدراية، إلا أنه غلب الجانب النقلي على الجانب العقلي؛ ومن ثم عُد ضمن كتب التفسير بالمأثور، ويتخلص منهج المصنف فيه في أنه يسوق الروايات عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا يعقب ذلك بالكلام على الأسانيد، ويروي أحيانا عن الضعفاء كالكلبي والسدي وغيرهما، ويتعرض للقراءات على قلة، ويحتكم في ذلك للغة أحيانا، ويقوم بشرح القرآن بالقرآن إن وجد من الآيات القرآنية ما يوضح معنى آية، وقد أورد في تفسيره بعض القصص الإسرائيلية، وقد اختلف في تسمية الكتاب بـ «بحر العلوم» حيث لم يذكر من ترجم لأبي الليث اسم «بحر العلوم» ضمن كتبه، وإنما يقولون: له «تفسير القرآن».