فصل: استيلاء أرسلان أرغون أخي السلطان ملك شاه على خراسان ومقتله.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء أرسلان أرغون أخي السلطان ملك شاه على خراسان ومقتله.

كان أرسلان أرغون مقيما عند أخيه ملك شاه ببغداد فلما مات وبويع ابنه محمود سار إلى خراسان في سبعة من مواليه واجتمعت عليه جماعة وقصد نيسابور فامتنعت عليه فعاد إلى مرو وكان بها شحنة الأمير قودر من موالي السلطان ملك شاه وكان أحد الساعين في قتل نظام الملك فمال إلى طاعة أرغون وملكه البلد وسار إلى بلخ وكان بها فخر الملك بن نظام الملك ففر عنها ووصل إلى همدان ووزر لتاج الدولة تتش كما مر وملك ارسلان أرغون بلخ وترمذ ونيسابور وسائر خراسان إلى السلطان بركيارق وزيره مؤيد الملك في تقرير خراسان عليه بالضمان كما كانت لجده داود ما عدا نيسابور فأعرض عنه بركيارق لاشتغاله بأخيه محمود وعمه تتش ثم عزل بركيارق مؤيد الملك عن الوزارة بأخيه فخر الملك واستولى فخر الملك البارسلان على الأمور فقطع ارسلان مراسلة بركيارق فبعث حينئذ عمه بورسوس في العساكر لقتاله فانهزم ارسلان إلى بلخ وأقام بورسوس وسار أرسلان إلى مرو وفتحها عنوة وخربها واستباحها وسار اليه بورسوس من هراة سنة ثمان وثمانين وكان معه مسعود بن تاخر الذي كان أبوه مقدم عساكر داود ومعه شاه أعاظم الأمراء فبعث اليه ارسلان واستمالة فمال إليه ووثب لمسعود بن تاخر وابنه فقتلهما في خيمته فضعف أمر بورسوس وانفض الناس عنه وجيء به أسيرا إلى أخيه أرسلان أرغون فحبسه بترمذ ثم قتله في محبسه بعد سنة وقتل أكابر خراسان وخرب أسوارها مثل سودان ومرو الشاهجان وقلعة سرخس ونهاوند ونيسابور وصادر وزيره عماد الملك بن نظام الملك على ثلثمائة ألف دينار ثم قتله واستبد بخراسان وكان مرهف الحد كثير العقوبة لمواليه وأنكر على بعضهم يوما بعض فعلاته وهو خلوة وضربه فطعنه الغلام بخنجر معه فقتله وذلك في المحرم من سنة تسعين.

.ولاية سنجر على خراسان.

ولما قتل ارسلان أرغون ملك أصحابه من بعده صبيا صغيرا من ولده وكان السلطان بركيارق قد جهز العساكر لخراسان للقتال ومعه الآتابك قماج ووزيره علي بن الحسن الطغرائي وانتهى إليه مقتل أرسلان بالدامغان فأقاموا حتى لحقهم السلطان بركيارق وساروا إلى نيساور فملكها في جمادي سنة تسعين وأربعمائة وملك سائر خراسان وسار إلى بلخ وكان أصحاب أرسلان قد هربوا بابنه الذي نصبوه للملك إلى جبل طخارستان وبعثوا يستأمنون له ولهم فأمنهم السلطان وجاؤا بالصبي في آلاف من العساكر فأكرمه السلطان وأقطعه ما كان لأبيه أيام شاه وانفض عنه العسكر الذين كانوا معه وافترقوا على أمراء السلطان وأفردوه فضمته أم السلطان إليها وأقامت من يتولى رتبته وسار السلطان إلى ترمذ فملكها وخطب له بسمرقند ودانت له البلاد وأقام على بلخ سبعة أشهر ثم رجع وترك أخاه سنجر نائبا بخراسان.

.ظهور المخالفين بخراسان.

لما كان السلطان بخراسان خالف عليه محمود بن سليمان من قرابته ويعرف بأمير أميران وسار إلى بلخ واستمد صاحب غزنة من بني سبكتكين فأمده بالعساكر والخيول على أن يخطب له فيما يفتحه من خراسان فقويت شكوكته فسار إليه الملك سنجر فانهزم وجيء به أسيرا فسلمه ولما انصرف السلطان عن خراسان سار نائب خوارزم واسمه أكنجي في اتباعه وسبق إلى مرو فتشاغل بلذاته وكان بها الأمير تورد قد تشاغل عن السلطان واعتذر بالمرض فداخل بارقطاش من الأمراء في قتل أكنجي صاحب خوارزم فكبسه في طائفة من أصحابه وقتلوه وساروا إلى خوارزم فملكوها مظهرين أن السلطان ولاهما عليها وبلغ الخبر إلى السلطان وكان قد بلغه في طريقه خروج الأمير أنز بفارس عن طاعته فمضى إلى العراق وأعاد داود الحبشي ابن التونطاق في العساكر لقتالهما فسار إلى العراق من هراة وأقام في انتظار العسكر فعاجلاه فهرب أمامهما وهرب جيحون وتقدم بارقطاش قبل تودن وقاتله فهزمه داود وأسره وبلغ الخبر إلى تودن فثار به عسكره ونهبوا أثقاله ولحق بسنجار فقبض عليه صاحبها ثم أطلقه فلحق بالملك سنجر ببلخ فقتله وأفرغ هو طاعته في نظمه وجمع العساكر على طاعته ثم مات قريبا وبقي بارقطاش أسيرا عند داود إلى أن قتل.

.بداية دولة بني خوارزم شاه.

كان أبو شكين مملوكا لبعض أمراء السلجوقية واشتراه من بعض أهل غرشفان فدعى أبا شكين غرشه ونشأ على حال مرضية وكان مقدما وولد له ابنه محمد فأحسن تأديبه وتقدم هو بنفسه ولما سار الأمير داود الحبشي إلى خراسان كما مر سار محمد في جملته فلما مهد خراسان وأزال الخوارج نظر فيمن يوليه خوارزم وكان نائبها أكنجي قد قتله كما مر فوقع اختياره على محمد بن أبي شكين فولاه ولقبه خوارزم شاه فحسنت سيرته وارتفع محله وأقره السلطان سنجر وزاده عناية بقدر كفايته واضطلاعه وغاب في بعض الأيام عن خوارزم فقصدها بعض ملوك الأتراك وكان طغرلتكين محمد الذي كان أبوه أكنجي نائبا بخوارزم وبادر محمد بن أبي شكين إلى خوارزم بعد أن استمد السلطان سنجر وسار بالعساكر مددا له وتقدم محمد بن أبي شكين فتأخر الأتراك إلى منقشلاع ورحل طغرلتكين إلى جرجان وازداد محمد عناية عند سنجر ولما توفي ولى ابنه بعده أقسز وأحسن السيرة وكان قد قاد الجيوش أيام أبيه وباشر الحروب فملك مدينة منقشلاع ولما توفي اختصه السلطان سنجر وكان يصاحبه في أسفاره وحروبه واتصل الملك في بني محمد أبي شكين خوارزم شاه وكانت لهم الدولة وتمت دولة بني ملك شاه وعليهم كان ظهور الططر بعد المائة ومنهم أخذوا الملك كما سيأتي في أخبارهم.