الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الولايات بالنواحي أيام المعتز. كانت الفتنة قد ملأت نواحي الدولة من أطرافها وأوساطها واستولى بنو سامان على ما وراء النهر والصفار على سجستان وكرمان وملك فارس من يد عمال الخليفة وانتزع خراسان من بني طاهر وكلهم مع ذلك يقيمون دعوة الخليفة وغلب الحسن بن زيد على طبرستان وجرجان منازعا بالدعوة ومحاربا بالديلم لابن سامان والصفار وعساكر الخليفة بأصبهان واستولى صاحب الزنج على البصرة والأبلة إلى واسط وكور دجلة منازعا للدعوة ومشاققا وأضرم تلك النواحي فتنة ولم يزل الموفق في محاربته حتى حسم علته وقطع أثره واضطرمت بلاد الموصل والجزيرة فتنة بخوارج السراة وبالقرب من بني شيبان وتغلب بالأكراد واستولى ابن طولون على مصر والشام مقيما لدعوة الخلافة العباسية وابن الأغلب بأفريقية كذلك وأما المغرب الأقصى والأندلس فاقتطعا عن المملكة العباسية منذ أزمان كما قلنا ولم يكن للمعتمد مدة خلافته كلها حكم ولا أمر ونهي وإنما كان مغلبا لأخيه الموفق وتحت استبداده ولم يكن لهما جميعا كبير ولاية في النواحي باستيلاء من استولى عليها ممن ذكرناه إلا بعض الأجناس فلنذكر ما وصل إلينا من هذه الولايات أيام المعتمد فلأول ولايته استوزر عبيد الله بن يحيى بن خاقان وبعث جعلان لحرب الزنج بالبصرة فكان أمره معهم كما مر ثم ولى عيسى بن الشيخ من بني شيبان على دمشق فاستأثر بها ومنع الخراج وجاءه حسين الخادم من بغداد يطلب المال فاعتذر بأنه أنفقه على الجند فكتب له المعتمد عهده في أرمينية ليقيم بها دعوته وقلد أماجور دمشق وأعمالها فسار إليها وأنفذ عيسى بن الشيخ ابنه منصورا لقتال أماجور في عشرين ألفا فانهزموا وقتل منصور وسار عيسى إلى أرمينية على طريق الساحل ودخل أماجور دمشق وفي سنة ست وخمسين سار موسى بن بغا لحرب مساور الخارجي فلقيه ساحة جائعين فنال الخوارج منهم وفيها كان وثوب محمد بن واصل بن إبراهيم التميمي على الحرث بن سيما عامل فارس فقتله وغلب عليها كما مر وفيها غلب الحسن بن زيد الطالبي على الري فسار إليها موسى بن بغا وغلب على عساكر الحسن وظهر علي بن زيد بالكوفة وملكها وبعث المعتمد لمحاربته كيجور التركي فخرج عنها إلى القادسية ثم إلى ختان ثم إلى بلاد بني أسد وغزاه كيجور من الكوفة فأوقع به وعاد إلى الكوفة ثم إلى سر من رأى وفي سنة سبع وخمسين عقد المعتمد لأخيه الموفق على الكوفة والحرمين واليمن ثم على بغداد والسواد إلى البصرة والأهواز وأمره أن يعقد ليارجوج على البصرة وكور دجلة واليمامة والبحرين مكان سعيد الحاجب وعقد يارجوج على ذلك لمنصور بن جعفر الخياط ونزل الأهواز ثم عقد المعتمد حرب الزنج بالبصرة لأحمد بن المولد فسار إليها وقاتل الزنج وكان بالبطائح سعيد بن أحمد الباهلي متغلبا عليها فأخذه ابن المولد وبعث به إلى سامرا وفيها تغلب يعقوب الصفار على فارس وبعض أعمال خراسان وولاه المعتمد ما غلب عليها وفيها غلب الحسن بن زيد على خراسان وانتقضت على ابن طاهر أعمال خراسان وفيها اقتطع المعتمد مصر وأعمالها ليارجوج التركي فولى عليها أحمد بن طولون ومات يارجوج لسنة بعدها فاستبد ابن طولون بها وكان عبد العزيز بن أبي دلف على الري فخرج عليها خوفا من جيوش ابن زيد صاحب طبرستان فبعث الحسن من قرابته القاسم بن علي القاسم فأساء فيها السيرة وفي سنة ثمان وخمسين قتل منصور بن جعفر الخياط في حرب الزنج وولي يارجوج على أعمال منصور فولى عليها أصطيخور وهلك في حرب الزنج وعقد المعتمد للموفق على ديار مصر وقنسرين والعواصم وبعثه لحرب الزنج ومعه مفلح فهلك في تلك الحرب وعقد المعتمد على الموصل والجزيرة لمسرور البلخي فكانت بينه وبين مساور الشيباني حروب وكذلك بين الأكراد واليعقوبية وأوقع بهم كما مر وفيها رجع أحمد بن واصل إلى طاعة السلطان وسلم فارس للحسن بن الفياض وفي سنة تسع وخمسين كان مهلك أصطيخور بالأهواز فأمر المعتمد موسى بن بغا بالمسير لحرب الزنج كما مر وفيها ملك يعقوب الصفار خراسان وقبض على محمد بن طاهر وكان لمنكجور على الكوفة فسار عنها إلى سامرا بغير إذن وأمر بالرجوع فأبى فبعث المعتمد عدة من القواد فلقوه بعكبر فقتلوه وحملوا رأسه وفيها غلب الحسن بن زيد على قومس وملكها وكانت وقعة بين محمد بن الفضل بن نيسان وبين دهشودان ابن حسان الديلي فهزمه محمد وفيها غلب شركب الحمال على مرو ونواحيها وفي سنة ستين أقام يعقوب بن الصفار الحسن بن زيد فهزمه وملك طبرستان كما مر وأخرج أهل الموصل عاملهم أتكوتكين بن أساتكين فبعث عليهم أساتكين إسحق ابن أيوب في عشرين ألفا ومعه حمدان بن حمدون الثعلبي فامتنع أهل الموصل منهم وولوا عليهم يحيى بن سليمان فاستولى عليها وفيها قتلت الأعراب منحور والى حمص فولى بكتر وولى على أذربيجان الرذيني عمر بن علي لما بلغه أن عاملها العلاء بن أحمد الأزدي فلج فلما أتى الرذيني حاربه العلاء فانهزم وقتل واستولى الرذيني على مخلفه قريبا من ألفي ألف وسبعمائة الف درهم وفيها سار علي بن زيد القائد بالكوفة إلى صاحب الزنج فقتله وفي سنة احدى وستين عقد المعتمد لموسى بن بغا على الأهواز والبصرة والبحرين واليمامة مضافا لما بيده فولاها موسى عبد الرحمن بن مفلح وبعثه لحرب ابن واصل فهزمه ابن واصل وأسره كما مر ورأى موسى بن بغا اضطراب تلك الناحية فاستعفى منها ووليها أبو الساج وملك الزنج الأهواز من يده فصرف عن ولايتها ووليها إبراهيم بن سيما وولي محمد بن أوس البلخي طريق خراسان ثم جاء الصفار إلى فارس فغلب عليها ابن واصل كما مر فجهز المعتمد أخاه الموفق إلى البصرة بعد أن ولاه المعتمد عهده بعد ابنه جعفر كما ذكرناه وبعث الموفق ابنه أبا العباس لحرب الزنج فتقدما بين يديه وفيها فارق محمد بن زيد ولاية يعقوب الصفار وسار ابن أبي الساج إلى الأهواز وطلب أن يوجه الحسين بن طاهر بن عبد الله بن طاهر إلى خراسان وفيها استبد نصر بن أحمد بن سامان بسمرقند وما وراء النهر وولى أخاه إسمعيل بخارى وفيها ولى المعتمد على الموصل الخضر بن أحمد بن عمر بن الخطاب وفيها رجع الحسين بن زيد إلى طبرستان وأخرج منها أصحاب الصفار وأحرق سالوس لممالأة أهلها الصفار وأقطع ضياعهم للديلم وفيها نادى المعتمد في حاج خراسان والري وطبرستان وجرجان بالنكير على ما فعله الصفار في خراسان وابن طاهر وإنه لم يكن عن أمره ولا ولاه وفيها قتل مساور الشاربي يحيى ابن جعفر من ولاة خراسان فسار مسرور البلخي في طلبه والموفق من ورائه وفي سنة اثنتين وستين كانت الحرب بين الموفق والصفار واستولى الزنج على البطيحة ودسيميسان وولى على الأهواز كما ذكرنا وبعث مسرور البلخي أحمد بن ليتونة لحربهم كما مر وفيها ثار أحمد بن عبد الله الخجستاني في خراسان بدعوة بني طاهر وغلب عليها الصفار إلى أن قتل كما مر ذكره وفيها وقعت مغاضبة بين الموفق وابن طولون فبعث إليه الموفق موسى بن بغا فأقام بالقة حولا وعجز عن المسير لقلة الأموال فرجع إلى العراق وفيها انصرف عامل الموصل وهو القطان صاحب مفلح فقتله الأعراب بالبرية وفي سنة ثلاث وستين استولى الصفار على الأهواز ومات مساور الشاربي وهو قاصد لقاء العساكر السلطانية بالتواريخ فولى الخوارج مكانه هرون بن عبد الله البلخي فاستولى على الموصل وفيها ظفر أصحاب الصفار بابن واصل وفيها هزم ابن أوس من طريق خراسان وعاد إلى الموصل وفيها ظفر أصحاب الصفار بابن واصل وأسروه ومات عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المعتمد فاستوزر مكانه الحسن بن مخلد وكان موسى بن بغا غائبا في غزو العرب فلما قدم خافه الحسين وتغيب فاستوزر مكانه سليمان بن وهب وفيها غلب أخو شركب الحمال على نيسابور وخرج عنها الحسين بن طاهر إلى مرو وبها خوارزم شاه يدعو لأخيه محمد وفيها ملك صاحب الزنج مدينة واسط وقاتله دونها محمد بن المولد فهزمه ودخلها واستباحها وفيها قبض المعتمد على وزيره سليمان بن وهب وولى مكانه الحسن بن مخلد وجاء الموفق مع عبد الله بن سليمان شفيعا فلم يشفعه فتحول إلى الجانب الغربي مغاضبا واختلفت الرسل بينه وبين المعتمد وكان مع الموفق مسرور كيغلغ وأحمد بن موسى بن بغا ثم أطلق سليمان ودعا إلى الجوسق وهرب محمد بن صالح ابن شيرزاده والقواد الذين كانوا بسامرا مع المعتمد خوفا من الموفق فوصلوا إلى الموصل وكتب الموفق لأحمد بن أبي الأصبغ في قبض أموالهم وفيها مات أماجور عامل دمشق وملك ابن طولون الشام وطرسوس وقتل عاملها سيما وفي سنة خمس وستين ولي مسرور البلخي على الأهواز وهزم الزنج وفيها مات يعقوب الصفار وقام بأمره أخوه عمر ولاه الموفق مكانه أخيه بخراسان وأصبهان وسجستان والسند وكرمان والشرطة ببغداد وفيها وثب القاسم بن مهان بدلف ابن عبد العزيز بن أبي دلف بأصبهان فوثب جماعة من أصحاب دلف بالقاسم فقتلوه فولي أصبهان أحمد بن عبد العزيز أخو دلف وفيها لحق محمد بن المولد بيعقوب الصفار وقبضت أمواله وعقاره ببغداد وفيها حبس الموفق سليمان بن وهب وابنه عبد الله وصادرهما على تسعمائة ألف دينار وفيها ذهب موسى بن أتامش وإسحق بن كنداجق والفضل بن موسى بن بغا مغاضبين وبعث الموفق في أثرهم صاعد بن مخلد فردهم من صرصر وفيها استوزر الموفق أبا الصقر إسمعيل بن بلبل وفي سنة ست وستين ملك الزنج رامهرمز وغلب أساتكين على الري وأخرج عنها عاملها فطلقت ثم مضى إلى قزوين وبها أخوه كيغلغ فصالحه ملكها وفيها ولي علي بن الليث على الشرطة ببغداد عبيد الله بن عبد الله طاهر وعلى أصبهان أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وعلى الحرمين وطريق مكة محمد بن أبي الساج وولى الموفق على الجزيرة أحمد بن موسى بن بغا فولى من قبله على ديار ربيعة موسى بن أتامش فغضب لذلك إسحق ابن كنداجق وفارق عسكر موسى وسار إلى بلد وأوقع بالأكراد اليعقوبية ثم لقي ابن مساور الخارجي فقاتله وسار إلى الموصل وطلب من أهلها المال وخرج على ابن داود لقتاله مع إسحق بن أيوب وحمدان وكانت بينهم حروب أخرها المعتمد لإسحق بن كنداجق على الموصل وقد مر ذلك من قبل وفيها قتل أهل حمص عاملها عيسى الكرخي وفيها كانت بين لؤلؤ غلام ابن طولون وبين موسى بن أتامش وقعة برأس عين وأسره لؤلؤ وبعث به إلى الرقة ثم لقيه أحمد بن موسى فاقتتلوا وغلب أحمد أولا ثم كر لؤلؤ فغلبهم وانتهوا إلى قرقيسيا ثم ساروا إلى بغداد وسامرا وفيها أوقع أحمد بن عبد العزيز ببكتم فانهزم ولحق ببغداد وأضضوقع الخجستاني بالحسن بن زيد بجرجان فلحق بآمد وملك الخجساني جرجان وأقطعه من طبرستان واستخلف على سارية الحسن ابن محمد بن جعفر بن عبد الله العقيقي بن حسين الأصفر بن زيد العابدين فلما انهزم الحسن بن زيد أظهر الحسن بن محمد أنه قتل ودعا لنفسه وحاربه الحسن بن زيد فظفر به وقتله وفيها ملك الخجستاني نيسابور من يد عامل ابن عمرو بن الليث وفيها في صفر زحف الموفق لقتال صاحب الزنج فلم يزل يحاصره حتى اقتحم عليه مدينته وقتله منتصف سنة سبعين وفيها كانت الحرب بالمدينة بين بني حسن وبني جعفر وفي سنة سبع وستين كانت الفتنة بالموصل بين الخوارج وفيها حبس السلطان بن عبد الله بن طاهر وجماعة من بيته واتهمه عمرو بن الليث بممالأة الخجستاني والحسين بن طاهر أخيه فكتب إلى المعتمد وحبسه وفيها كانت بين كيقلغ التركي وأحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وانهزم أحمد وملك كيقلغ همذان فزحف إليه أحمد بن عبد العزيز فهزمه وملك همذان وسار كيقلغ إلى الصحيرة وفيها أزال الخجستاني ذكر محمد بن طاهر من المنابر ودعا لنفسه بعد المعتمد وضرب السكة باسمه وجاء يريد العراق فانتهى إلى الري ثم رجع وفيها أصحاب أبي الساج بالهيثم العجلي صاحب الكوفة وغنموا عسكره وفيها أوقع أبو العباس بن الموفق بالأعراب الذين كانوا يجلبون الميرة بالزنج من بين تميم وغيرهم وفي سنة ثمان وستين كان مقتل الخجستاني وأصحابه بعده على رافع بن هرثمة من قواد بني طاهر وملك بلاد خراسان وخوارزم وفيها انتقض محمد بن الليث بفارس على أخيه عمرو فسار إليه وهزمه واستباح عسكره وملك أصطيخور وشيراز وظفر به فحبسه كما مر وفيها كانت وقعة بين أتكوتكين بن أساتكين وبين أحمد بن عبد العزيز ابن أبي دلف فهزمه أتكوتكين وغلبه على قم وفيها بعث عمرو بن الليث عسكرا إلى محمد بن عبد الله الكردي وفيها انتقض لؤلؤ على مولاه أحمد بن طولون وسار إلى الموفق وقاتل معه الزنج وفيها سار المعتمد إلى ابن طولون بمصر مغاضبا لأخيه الموفق وكتب الموفق إلى إسحق بن كنداجق بالموصل بردة فسار معه إلى آخر عمله ثم قبض على القواد الذين معه ورده إلى سامرا وفيها وثب العامة ببغداد بأميرهم الخلنجي وكان كاتب عبيد الله بن طاهر وقتل غلام له امرأة بسهم فلم يعدهم عليه فوثبوا به وقتلوا من أصحابه ونهبوا منزله وخرج هاربا فركب محمد بن عبد الله واسترد من العامة ما نهبوه وفيها وثب بطرسوس خلق من أصحاب ابن طولون وعامله على الثغور الشامية فاستنفذ أهل طرسوس من يده وزحف إليهم ابن طولون فامتنعوا عليه ورجع إلى حمص ثم إلى دمشق وفيها كانت وقعة بين العلويين والجعفريين بالحجار فقتل ثمانية من الجعفريين وخلصوا عامل المدينة من أيديهم وفيها عقد هرون بن الموفق لأبي الساج على الأنبار والرحبة وطريق الفرات وولى محمد بن أحمد على الكوفة وسوادها ودافعه عنها محمد بن الهيثم فهزمه محمد ودخلها وفيها مات عيسى بن الشيخ الشيباني عامل أرمينية وديار بكر وفيها عظمت الفتنة بين الموفق وابن طولون فحمل المعتمد على لعنة وعزله وولى إسحق بن كنداجق على أعماله إلى أفريقية وعلى شرطة الخاصة وقطع ابن طولون الخطبة للموفق واسمه من الطرر وفيها ملك ابن طولون الرحبة بعد مقاتلة أهلها وهرب أحمد بن مالك بن طوق إلى الشام ثم سار إلى ابن الشماخ بقرقيسيا وفي سنة سبعين كان مقتل صاحب الزنج وانقراض دعوته ووفاة الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان وقيام أخيه محمد بأمره ووفاة أحمد بن طولون صاحب مصر وولاية ابنه خمارويه ومسير إسحق بن كنداجق بابن دعامس عامل الرقة والثغور والعواصم لابن طولون وفي سنة إحدى وسبعين ثار بالمدينة محمد وعلي ابنا الحسن بن جعفر بن موسى الكاظم وقتلا جماعة من أهلها ونهبا أموال الناس ومنعا الجمعة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا وفيها عزل المعتمد عمرو بن الليث من خراسان فقاتله أحمد بن عبد الله بن أبي دلف بأصبهان وهزمه وفيها استعاد خمارويه الشام من يد أبي العباس بن الموفق وفر إلى طرسوس كما تقدم وفيها عقد المعتمد لأحمد بن محمد الطائي على المدينة وطريق مكة وكان يوسف محمد بن أبي الساج والي مكة وجاء بدر غلام الطائي أميرا على الحاج فحاربه يوسف على باب المسجد الحرام وأسره فسار الجند والحاج بيوسف وأطلقوا بدرا من يده وحملوا يوسف أميرا إلى بغداد وفي منتصف سنة اثنتين وسبعين غلب أتكوتكين على الري من يد محمد بن زيد العلوي سار هو من قزوين في أربعة آلاف ومحمد بن زيد من طبرستان في الديلم وأهل خراسان فانهزموا وقتل منهم ستة آلاف وفيها ثار أهل طرسوس بأبي العباس بن الموفق وأخرجوه إلى بغداد وولوا عليهم بازيار وفيها توفي سليمان ابن وهب في حبس الموفق وفيها دخل حمدان بن حمدون وهرون مدينة الموصل وفيها قدم صاعد بن مخلد الوزير من فارس وقد كان بعثه الموفق إليها لحرب فرجع إلى واسط وركب القواد لاستقباله فترجلوا إليه وقبلوا يده ولم يكلمهم ثم قبض الموفق على جميع أصحابه وأهله ونهب منازلهم وكتب إلى بغداد بقبض ابنه أبي عيسى وصالح وأخيه عبدون واستكتب مكانه أبا الصقر إسمعيل بن بلبل واقتصر به على الكتابة وفيها جاء بنو شيبان إلى الموصل فعاثوا في نواحيها وأجمع هرون الشاربي وأصحابه على قصدهم وكتب إلى أحمد بن حمدون الثعلبي فجاءه وساورا إلى الموصل وعبروا الجانب الشرقي من دجلة ثم ساورا إلى نهر الحارد فلما تراءى الجمعان انهزم هرون وأصحابه وانجلى سوى عنها وفي سنة ثلاث وسبعين وقعت الفتنة بين ابن كنداجق وبين ابن أبي الساج وسار ابن أبي الساج إلى ابن طولون واستولى على الجزيرة والموصل وخطب له فيها وقاتل الشراة كما ذكرنا وفيها قبض الموفق على لؤلؤ غلام ابن طولون وصادره على أربعمائة ألف دينار وبقي في إدبار إلى أن عاد إلى مصر أيام هرون بن خمارويه وفي سنة أربع وسبعين سار الموفق إلى فارس فاستولى عليها من يد عمرو بن الليث ورجع عمرو إلى كرمان وسجستان وعاد الموفق إلى بغداد وفي سنة خمس وسبعين نقض ابن أبي الساج طاعة خمارويه وقاتله خمارويه فهزمه وملك الشام من يده وسار إلى الموصل وخمارويه في اتباعه إلى بغداد ولحق ابن أبي الساج بالحديثة فأقام بها إلى أن رجع خمارويه وكان إسحق ابن كنداج قد جاء إلى خمارويه فبعث معه جيشا وقواد في طلب ابن أبي الساج واشتغل بعمل السفن للعبور إليه فسار ابن أبي الساج عنها إلى الموصل واتبعه ابن كنداج وسار إلى الرقة فاتبعه ابن أبي الساج وكتب إلى الموفق يستأذنه في اتباعه إلى الشام وجاء ابن كنداج بالعساكر من عند خمارويه وأقام على حدود الشام ثم هزم ابن أبي الساج فسار إلى الموفق وملك ابن كنداج ديار ربيعة وديار مضر وقد تقدم ذكر ذلك وفيها خرج أحمد بن محمد الطائي من الكوفة لحرب فارس العبدي وكان يخيف السابلة فهزمه العبدي وكان الطائي على الكوفة وسوادها وطريق خراسان وسامرا وشرطة بغداد وخراج بادر دباد قطربل وفيها قبض الموفق على ابنه أبي العباس وحبسه وفيها ملك رافع بن هرثمة جرجان من يد محمد بن زيد وحاصره في استراباذ نحوا من سنتين ثم فارقها الجيش لحربه فسار وعن سارية وعن طبرستان سنة سبع وسبعين واستأمن رستم بن قارن إلى رافع وقدم عليه علي بن الليث من حبس أخيه بكرمان هو وابناه العدل والليث ورافع على سالوس محمد بن هرون وجاء إليه علي بن كاني مستأمنا فحصرهما محمد بن زيد وسار إليه رافع ففر إلى أرض الديلم ورافع في اتباعه إلى حدود قزوين فسار فيها وأحرقها وعاد إلى الري وفي سنة ست وسبعين رضي المعتمد عن عمرو بن الليث وولاه وكتب اسمه على الأعلام وولى على الشرطة ببغداد من قبله عبيد الله ابن عبد الله بن طاهر ثم انتقض فأزيل وفيها كان مسير الموفق إلى الجبل لأتكوتكين ومحاربة أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وقد تقدم ذلك وفيها ولى الموفق ابن أبي الساج على أذربيجان فسار إليها ودافعه عبد الله ابن حسن الهمداني صاحب مراغة فهزمه ابن أبي الساج واستقر في عمله وفيها زحف هرون الشاري من الحديثة إلى الموصل يريد حربها ثم صانعه أهل الموصل ورحل عنهم وفي سنة سبع وسبعين دعا مازيار بطرسوس لخمارويه بن أحمد بن طولون وكان أنفذ إليه ثلاثين ألف دينار وخمسمائة ثوب وخمسمائة مطرف وسلاحا كثيرا وبعث إليه بعد الدعاء بخمسين ألف دينار وفي سنة ثمان وسبعين كانت وفاة الموفق وبيعة المعتضد بالعهد كما مر وفيها كان ابتداء أمر القرامطة وقد تقدم وفي سنة تسع وسبعين خلع جعفر بن المعتمد وقدم عليه المعتضد وكانت الحرب بين الخوارج وأهل الموصل وبين بني شيبان وعلى بني شيبان هرون بن سيما من قبل محمد ابن إسحق بن كنداج ولاه عليها فطرده أهلها فزحف إليهم مع بني شيبان ودافع عن أهل الموصل هرون الشاري وحمدان بن حمدون فهزمهم بنو شيبان وخاف أهل الموصل من ابن سيما وبعثوا إلى بغداد يطلبون واليا فولى المعتمد عليهم محمد بن يحيى المجروح الموكل بحفظ الطريق وكان ينزل الحديثة فأقام بها أياما ثم استبدل منه بعلي بن داود الكردي.
|